- Categories:
قبل الشروع في النظرية الثيوقراطية لابد لنا من العودة خطوة للخلف موضحين فيها مفهوم السيادة التي تتمتع بها أي دولة في العالم و ما هو معنى تمتعها بها.
إن السيادة التي تتمتع بها أي دولة في العالم وتستأثر بها تكمن في أن الكلمة العليا لا بد من أن تكون لها في كل الأحوال بحيث لا يعلوها سلطة أخرى أو هيئة أخرى ، وعلى هذا فإنها تسمو على الجميع بإعتبارها سلطة عليا آمرة ، وتكون السيادة متلاصقة بشكل أصيل في الدولة ، وهذا ما يجعلها مميزة عن باقي السلطات الأخرى الغير سياسية .
ومما يجدر به الذكر أن السيادة المرتبطة إرتباط وثيق بالدولة ليس شيء حقيقي طبيعي مستقل إنما هي مفهوم يقوم الناس بتطبيقه يولد تلك السيادة ، الأمر الذي يخلق تساوي بين الجميع ناتج عن إحترامهم للسلطة الذي يكيبها سلطة الأمر والنهي المطلق .
وللسيادة مظهران هما ، المظهر الداخلي والذي مفاده أن تضع الدولة سلطتها على كل إقليم للدولة ، أما المظهر الخارجي فيعني عدم خضوع الدولة لدولة أجنبية أخرى وبالتالي تمتعها بالإستقلال الكافي والبعيد كل البعد عن التبعية لدولة أخرى.
أما فيما يخص مصدر السيادة فقد إنقسم الفقهاء والفلاسفة السياسين إلى رأين في تحديد مصدرها ومن صاحبها كالآتي :
- النظريات الثيوقراطية.
- نظرية سيادة الأمة .
وسأشرع في الدخول في النظرية الثيوقراطية موضوع ورقتي البحثية :
تُرجع النظرية الثيوقراطية ” الدينية” أصل السيادة ومصدرها إلى الله عز وجل ، بإعتباره وحده جل جلاله صاحب السيادة وإمتلاكه السلطة الآمرة ،
وعلى اتفاق النظريات الثيوقراطية على أن السيادة لله عز وجل وحده ، إلا أنها تختلف في تفاصيل محددة ، فلقد تعددت تفسيرات النظريات الثيوقراطية للسيادة الدينية وتلخصت في ثلاث صور وهي :
- نظرية الطبيعية الإلهية للحكام :
تعتمد هذه النظرية على اضفاء وصف الطبيعة الإلهية على الحكام ، فالحاكم وفقاً لهذه النظرية إله يعيش بين البشر ويحكمهم ، أي بمعنى أنه الله بذاته على الأرض وقد كان منتشراً هذا النوع نت الإسلوب في زمن الممالك الفرعونية والإمبراطوريات الرومانية واليونانية وكان آخرها ما تم منحه للأباطرة اليابان عام 1947
وتتلخص هذه النظرية في وجوب تقديس الفرد للحاكم مع انعدام إعتراضه ومناقشته مطبيقين بذلك فكرة التأليه وإجلالهم .
- نظرية الحق الإلهي المباشر :
وهذه النظرية لا تجعل من الحاكم إلهاً يعبد إنما هو مختار بطريقة مباشرة من الله تبارك وتعالى ، أي أن إرادة الأفراد ليس لها علاقة في إختياره إنما هو أمر إلهي خارج عن إرادتهم وطاقتهم ، وبهذا تكون فكرة أن عصيانه هو عصيان لله عز وجل قد تعاطاها الشعب وقد وجب عليهم طاعته ، وفي باب مسؤوليته فإنه لا يمكن للأفراد مسائلته مهما كان الفعل الذي قام به ، فلا يكون مسؤول إلا أما الله الذي منحه الحكم .
- نظرية الحق الإلهي غير المباشر :
وفي هذه النظرية الحاكم يكون بشرياً إلا أن طريقة إختياره لا تكون بطريقة مباشرة إنما بطريقة غير مباشرة ، فالأفراد في هذه النظرية هم الذين يختارون الحاكم ولكن إختيارهم هذا يكون مسيًر وليس مخيًر ، بمعنى أن العناية الإلهية هي من توجه إرادة الأفراد بتوجه معين وترشدهم إلى إختيار الحاكم الذي ترضى به وليس من يرضى به الشعب.
ومما يجدر بي توضيحه هو حجم الإختلاف في التفسيرات للسيادة الإلهية ، إلا أنها تؤدي في نهاية الأمر إلى إطلاق سلطة الحاكم وحرمان الشعوب من مسائلته ومقاومة الحكام الطغاة بحجة عملهم في ظل العناية الإلهية .
ولقد تعرضت النظريات الثيوقراطية لإنتقادات عديدة ، وذلك لبعدها عن العقل والمنطق العقلي ، وذلك لما تقدمه تلك النظريات من خدمات ومصالح شخصية وغطاء لإستبداد الحكام وسلطاته وقد تجلت تحديداً أثناء الصراع بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية في القرون الوسطى .
الخلافة في الإسلام :
لم يفصل الإسلام الدين عن الدولة كما فعلت الديانة المسيحية متذرعين بقول لسيدنا عيسى إبن مريم ” دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ” إنما جعل الخلافة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا والدولة ولهذا فإن الإسلام دين وعقيد وسريعة ودولة ، وما جعل الديانة الإسلامية تتقدم على جميع الديانات في إدارتها للدولة والدين معاً الخطة الشمولية العامة لكلا الشأنين معاً إبتداءً بإختيار الخليفة وفقا لشروط معينة متفق عليها بين المسلمين ، وقد وضعت مسؤوليته أمام المسلمين كون أن إستخلافه على المسلمين لم يأتي من الله عز وجل إنما من إختيار المسلمين ، ولذلك عندما أطلق المسلمين على أبو بكر عقب وفاة سيد البشرية محمد عليه السلام خليفة الله فقد نهاهم عن قول ذلك مصححاً لهم “بأنه ليس خليفة الله إنما خليفة رسول الله ” .